الثلاثاء، ٢٦ يونيو ٢٠٠٧

حوار مع الحاج متولي -1

تنويـــه: هذا هو الحلقة الأولى في سلسلة حوار تخيلها الاستاذ مصطفى قيسون بينه وبين شخصية ابتدعها وهي الحاج متولي الذي يمثل الإنسان المسلم الذي يتجلى إيمانه في بساطته وقوة اعتقاده وثباته على مبدئه ، وسلسلة الحوار هذه يهدف منها الكاتب إلى الدفاع عن الثوابت في ديننا الحنيف ، ويستبسل في نصرة السنة النبوية المطهرة ويقاتل ذوداً عنها بشرف المحارب ذي العقيدة الثابتة والخلق الرفيع ضد العلمانيين كعمرو اسماعيل واهل البهتان كأحمد صبحي منصور وابن شقيقه المتلعثم عثمان محمد علي وبقية جحوش الشيطان.
الحاج متولى..(1)
------------------------
بقلم : مصطفى قيسون – مصر

الحاج متولى صاحب مقهى السلام أو "كافيه دى لابيه" كما يحلو للمثقفين من الأفندية أن ينطقونها.. الحاج متولى رجل بسيط يجيد القراءة والكتابة لكنه من "الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة" والرجل قد أنعم الله عليه بجزء كبير من الذكر الحكيم حيث يحفظ الكثير من كتاب الله وما من مرة إلا ويستشهد بآيات كريمة من القرآن أو بحديث شريف من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.. ورغم أن تعليمه (كتاتيبى) إلا أنه رجل عظيم الأدب فلايذكر أحدا من رجال الدين إلا ويقول سيدنا..
الحاج متولى يعشق العلم لكن ضيق ذات اليد التى لازمت والده رحمه الله لم تيسر له الإستمرار فى مراحل التعليم فانتقم من ذلك لصالح أولاده حيث وهبه الله ذرية صالحة.. الإبن الأكبر لم يحصل على شهادة الدكتوراة ليعلقها على أحد جدران مقهى أبيه من أجل الوجاهة الإجتماعية بل أنه عالم فى الكيمياء النووية.. ولأن الرجل يعشق وطنه فقد رفض كل الإغراءات للعمل خارج مصر ويقول لمن يلومه من السماسرة "يكفينى فخرا أن عدد تلاميذى فى الجامعات المصرية فى ازدياد".. أما إبنته الثانية فى ترتيب الذرية فهي دكتورة بمعهد الأورام ولا أقصد بالدكتورة أنها مجرد طبيبة من الذين يقتاتون من هموم المرضى بل تحمل شهادة الدكتوراة وقد رفضت هي الأخرى عروض كثيرة من مستشفيات إستثمارية مرتباتها يسيل لها لعاب الضعفاء! وفى إجابة عن سؤال لأحد الحاقدين قالت "إننى أتعامل مع الله".. أما الإبن الثالث فى ترتيب هذه الباقة التى شملها الحاج متولى بالرعاية الدينية قبل العلمية هو دكتور مهندس يعمل فى الأبحاث فيما يسمى (الطاقة المتجددة) ولى به معرفة شخصية إذ يقطن فى العمارة المجاورة.. عمره قد تعدى الثلاثين بأعوام قليلة.. دمث الأخلاق.. قمة فى الأدب يؤثرك بتواضعه.. يبدو على هيأته الصلاح "سيماهم فى وجوههم من أثر السجود".. ونأتى إلى الختام المسك لهذه الذرية الصالحة شاب يعمل معيدا فى كلية الزراعة بجامعة القاهرة وحاصل على الماجستير منذ عام تقريبا وأصبح طريقه ممهدا لنيل الدكتوراة.. وعندما يأتى للمقهى لمقابلة والده الحاج متولى لأمر يهم الأسرة أراه ينحنى بأدب جم على يد أبيه يقبلها فأداعبه:
أنا: بيقولوا دى عادات قديمة من أيام العثمانيين يا دكتور!
فيرد الحاج متولى مدافعا:
-- والله يا أستاذ لو كان العثمانيين هم اللى علمونا الأدب يبقى نشكرهم على كده!.. ومش معنى الدكترة إن احنا نتعالى على أهالينا!
أنا: ما شاء الله يا حاج متولى نمسك الخشب عندك أربع دكاترة!.. والحاجة زهرة تقول على ابنها "الدكتور راح.. الدكتور جه" مع إن إبنها (تومرجى)!..
الحاج: هو يعنى يا أستاذ الكلام عليه جمرك!
أنا: قل لى يا حاج متولى: إيه رأيك فى اللى بيتقال من كلام فى الدين على النت؟
الحاج: زي إيه.. نورنى حاكم انا راجل جاهل!
أنا: العفو يا راجل يا طيب.. مثلا بيقولوا إن الرسول صلى الله عليه وسلم هو اللى كتب القرآن بإيده!
الحاج: شوف يا أستاذ: سيدنا الشيخ متولى الشعراوى قال "اللى يكذب لا زم تكون ذاكرته حديد"!
أنا: يعنى إيه؟!
الحاج: يعنى عشان ما ينساش يرتب الكلام كويس والناس تصدقه.. لأنه ممكن ينسى حاجة توقعه فى الغلط وتكون حجة عليه!
أنا: طيب إنت إيه رأيك فى الكلام اللى بيقولوه ده؟!
الحاج: كلام ما يخشش العقل لأن ربنا سبحانه وتعالى قال فى القرآن "سنقرئك فلا تنسى"!.. واحنا أيام الكتاتيب كنا بنحفظ فى القرآن بنفس الطريقة!
أنا: إزاي يعنى يا حاج متولى؟!
الحاج: يعنى نقعد فى المقرأة والعريف يقرا واحنا نردد وراه عشان نحفظ وما ننساش!
أنا: يعنى الرسول عليه الصلاة والسلام ممكن يحفظ القرآن كده من غير ما يكتب؟!
الحاج: هو مش ربنا قال"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"!.. وبعدين الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم أخذوا بالأسباب فكتبه (كتاب الوحي) بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم مرتبا بوحي من الله سبحانه وتعالى.
أنا: يعنى القرآن اللى كتبوه هو المصحف اللى احنا بنقرأ فيه دى الوقت؟
الحاج: لأ يا أستاذ.. القرآن على أيام الرسول صلى الله عليه وسلم ما كانش مجموع فى مصحف واحد!
أنا: إزاي يعنى؟!
الحاج: سيدنا أبوبكر وسيدنا عمر رضي الله عنهم اتشاوروا فى مسألة كتابة القرآن.. قام سيدنا أبوبكر كلف زيد بن ثابت بجمع القرآن فى مصحف واحد..
أنا: هو اللى فى إيدينا دى الوقت؟!
الحاج: صبرك يا أستاذ!.. فى عهد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه كلف زيد بن ثابت وعبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بكتابة المصحف زي النسخة المحفوظة عند حفصة بنت عمر اللى تم جمعها فى عهد أبوبكر.. وعلى فكرة مكنتش فيها نقط ولا تشكيل!
أنا: طيب إزاي حطوا النقط والتشكيل؟!
الحاج: أنا جاي لك فى الكلام.. سيدنا عثمان احتفظ بنسخة وبعت بقية النسخ لكل الأمصار الإسلامية.. والنقط والتشكيل كانت على مراحل.. بعضها فى عهد معاوية بن أبى سفيان وبعضها فى عهد عبدالملك بن مروان..
انا:: إنت متأكد م الكلام دا يا حاج متولى؟!
الحاج: هو يعنى عشان أنا راجل مش متعلم متصدقنيش وتصدق الناس الدكاترة.. طيب ما تقرا يا أستاذ أمهات الكتب.. يعنى لازم أحشر لك فى الكلام المستشرق الفلانى والدكتور العلانى عشان تصدقنى!
أنا: يا حاج متولى فيه ناس بتقول لما النبي جاله الوحي وقال له "إقرأ" فقال النبي صلى الله عليه وسلم "ما أنا بقارئ" وفسروها إن الرسول مش عايز يقرا!
الحاج: اللهم لا حول ولا قوة إلا بالله.. أستغفر الله العظيم.. هم فسروها كده؟!
أنا: أيوه!
الحاج: يا أستاذ هو فيه واحد ينزل له وحي من السما يقول له اقرا يقوم يقول له لأ أنا مش هاقرا!!.. إيه الكلام ده؟!
أنا: هم بيقولوا كده!.. واللى بيقولوه ناس كبارة قوى!
الحاج: يا أستاذ إنت راجل متعلم.. "ما أنا بقارئ" يتفهم منها إن "أنا معرفش أقرا".. يعنى مثلا لو جيت لواحد ميعرفش يقرا وعايز تحفظه حاجة من القرآن تقوم تقول له "اقرا" يقولك "معرفش اقرا" تقوم انت تقول له "طيب اقرا ورايا".. زي ما كان بيحصل معانا واحنا عيال صغيرين فى الكتاتيب وبيحفظنا العريف وما كناش بنعرف نقرا.. فهمت يا أستاذ يا مثقف!
أنا: عليك نور والله يا حاج متولى!
الحاج: الناس دى عايزه توصل لإيه؟!.. هم مستكترين إن القرآن ينزل على واحد مايعرفش القراءة والكتابة؟!.. يمكن كانوا يتمنوا إن القرآن ينزل على واحد معاه دكتوراة!.. يعنى زي ما قال القرآن "وقالوا لولا نزل هذا القرءان على رجل من القريتين عظيم".. هو يعنى كل اللى ما يعرفش القراءة والكتابة يبقى جاهل.. طيب والله العظيم فيه ناس مبتعرفش تفك الخط وعندها عقل أحسن من أيتها واحد عنده دكتوراه!.. ثم احنا هنروح بعيد ليه.. هو مش ربنا سبحانه وتعالى قال "لاتحرك به لسانك لتعجل به.. إن علينا جمعه وقرءانه.. فإذا قرأناه فاتبع قرءانه"..
أنا: طيب ودى معناها إيه؟
الحاج: أي واحد يفهمها إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان بيحاول يحفظ بسرعة عشان ما ينساش.. يقوم ربنا يطمنه!
أنا: أصل فيه ناس كبار قوى ومتعلمين خالص بيقولوا إن الرسول عليه الصلاة والسلام مكنش أمى وهو اللى كتب القرآن!
الحاج:إيه الكلام ده؟!.. ما هو فيه ناس قبل كده قالت كلام زي ده برضه!.. وقالوا إن (أمي) يعنى (أممي) يعنى حاجة كده زي (دولي).. ومستكترين إن معجزة القرآن ربنا ينزلها على واحد أمي يعنى لا يكتب ولا يقرأ.. أما حكاية الأممي والدولي فربنا قال "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" عشان الناس تصدق إن "الإسلام يجب ما قبله"..
أنا: بس الناس الكبار قوى دول بيستشهدوا بالآية "وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا".. عشان كده قالوا هو كان بيكتب!
الحاج: أنا شايف إن الناس دى بتتدخل فى حاجات مش بتاعتها!.. ومش معقول تكون الناس دى متعلمة! وربنا وصف اللى زيهم "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها"!
أنا: يعنى إيه يا حاج متولى؟!
الحاج: يعنى زي الكفار ما اتبلوا على الرسول مرة بأنه ساحر ومرة بأنه شاعر اتبلوا عليه برضه بحكاية الكتابة دى.. نقوم احنا نصدق الكفار برضه؟!.. طيب ما تقرا الآية تانى.. هم مين اللى كانوا بيملوه.. يعنى نصدق "اكتتبها" ومنصدقش "تملى عليه"!
أنا: طيب إيه رأيك يا حاج متولى فى إن الناس الكبار قوى دول بيقولوا إن الرسول عليه الصلاة والسلام مكنش بيعرف يقرا ولا يكتب قبل البعثة ولما أصبح نبي اتعلم القراءة والكتابة وبيستدلوا على كده بالقرآن "وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون"!
الحاج: لا إله إلا الله.. هم الناس الكبار دول عايزين إيه بالضبط.. يسلطوا الضوء على اللى هم عايزينه وتتعمى عنيهم عن الباقى!.. يا سيدى الفاضل اقرا الآية على بعضها.. "إذا لارتاب المبطلون"!..
أنا: يعنى إيه؟!
الحاج:يعنى يا محمد لو كنت بتعرف تقرا وتكتب كان حصل ريبة عند الناس اللى بتشكك فى القرآن.. ودى يا سيدى عايده على الآية "وقالوا أساطير الأولين اكتتبها"..
أنا: طيب إيه رأيك يا حاج متولى فى التعبير القرآني "النبي الأمي".. دول بيقولوا إن معناها أن النبي صلى الله عليه وسلم "أمي" يعنى من "الأميين" اللى هم العرب..
الحاج: اللهم لا حول ولا قوة إلا بالله!.. هي الناس دى بتكابر ليه؟!.. مرة يقولوا (أمي) يعنى (أممي) ومرة يقولوا (أمي) يعنى عربي!.. هم مش قالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم كان ما بيعرفش يقرا ولا يكتب قبل البعثة يعنى (أمي).. دى الوقت بيلوا الكلام ليه ويبقى (أمي) يعنى عربي!.. دا حتى بيقولوا فى الأمثال "ربنا عرفوه بالعقل"!.. شوف يا أستاذ أنا حاسس كده إن الناس دى يا إما مستريحة قوى ومافيش عندها مشاكل يا إما عايزه تشكك الناس فى عقيدتها.. هو فيها إيه لما نتمسك بديننا وكل واحد يشوف شغله بما يرضى الله مش يبقى أحسن من الكلام والجدل اللى لا بيودى ولا يجيب!.. يعنى لما نثبت إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان بيعرف يقرا هنغير فى القرآن؟!
أنا: دول بيقولوا إن أغلبية الفكر الدينى متغيرش ولسه ماشى على أسلوب أئمة العصور الوسطى!
الحاج: يعنى إيه الفكر الدينى متغيرش؟!.. يعنى مثلا نخلى القبلة ناحية برج إيفيل؟! وللا ناحية تمثال الحرية؟!.. وإيه رأيك كفاية نصلى مرة واحدة قبل النوم عشان الناس ما بقاش عندها وقت!!
أنا: ما هم بيقولوا إن المفاهيم عند المسلمين جايباهم ورا!!
الحاج: والله ما جايبنا ورا إلا فلسفتهم.. يا ريت احنا نعمل زي المسلمين زمان كنا نبقى دى الوقت أسياد العالم!
أنا: ما هو الكلام ده مش عاجب.. وبيقولوا عليه رده للماضى والدنيا اتغيرت!
الحاج:ما هو يا أستاذ لما نبقى مسلمين صح هنجتهد فى كل شئ ومش لازم تبقى حضارتنا الإسلامية النهارده زي حضارتنا الإسلامية أيام الخلفاء الراشدين!.. بس احنا نعمل بالكتاب والسنة وشوف هنبقى إيه!
خرجت من المقهى أقول فى نفسى ليت لنا حكمة الحاج متولى!

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

هي دى مصر بصحيح مصر اللى فيها الجامع جنب الكنيسة والكل خايف على دينه والمصرى الصح ماهواش بالدكتره زي اللى منتشرين ع الشبكة وفاكرين نفسيهم علما فى الدين لكن الحمد لله مصر فيها دكاتره يعرفوا دينهم كويس